[color=#000080]
ليس ثمة شك أن حدثاً كالحيض، يعتري المرأة بصفة دوريه، مرة في كل شهر على مدى سنوات الخصوبة من عمرها، بدءاً من سن البلوغ وحتى سن اليأس - فيما خلا فترات الحمل والرضاعة عند البعض - لابد وأن يكون قد داعب الخيال الإنساني منذ بدء الخليقة، ثم سيطر عليه، قبل العقل والفكر والمنطق وحتى العلم، فحلق معه فيما يحيط به من غموض، وما يكتنفه من أسرار ثم ترك بصماته واضحة جلية على التراث الإنساني المتواتر، والمفعم في ذات الوقت بالأوهام والترهات والخزعبلات.
تلك الخزعبلات التي سورت الحقيقة بسياج كثيف، وسبقت العقل، منذ بدء الخليقة، ثم استحوذت على الفكرة أزمانا، فكبلت انطلاقه، وقيدت سبعة لاستجلاء كنه الحقيقة وجوهرها. 5;. 5;. 5;. 5;.
الحيض: نظرة تاريخية:
وقد قال البعض كان أول ما أرسل الحيض على بني إسرائيل ) لكن السيدة عائشة، فيما روي عنها، قالت خرجنا لا نرى إلا الحج، فلما كنا بسرف، حضت، فدخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أبكى، قال أن هذا أمر كتبه الله على بنات آدم، فاقضي ما يقضى الحاج، غير أن لا تطوفي بالبيت ). (البخاري - الجزء الأول)
معتقدات قدماء المصريين:
ولم يستطيع العقل البشرى أن يتخلص من أثار ما خلفه الخيال، حتى بعد أن عرف الإنسان الكتابة على عهد المصريين القدماء منذ ما يقرب من سبعة آلاف سنة فقد عزا أولئك حدوث الحيض إلى قوى شريرة تصيب المرأة، وتجعل من جسدها كله خبثاً ودنساً وقت حيضها، ومن ثم قام طبيبهم الكاهن باستنبات مجموعه من البذور البقلية، سقاها بماء مخلوط بدماء الحيض، ومجموعه أخرى سقاها بالماء العذب القراح، ولما تأخر نمو المجموعة الأولى ثن ذبلت، وماتت بعدئذ خلص إلى وجود السم في تلك الدماء الحيضية، رسخ لديه ذلك الاعتقاد، وما دامت تلك السموم قد خرجت من بدنها يكون خبثا كله، وسما جميعه، ومن ثم كانوا يعتزلونها تماما إلى حد نبذها وقت حيضها.
ولقد اعتقد أبو قراط وجالينوس (1) ومن تبعهم، ممن مارسوا صناعة الطب في القرون الوسطى في ذلك الاعتقاد، وكذلك فعل المجوس واليهود.
معتقدات اليهود:
والمعروف عن اليهود انهم يتشددون في مسائل الحيض، والدم بصفة عامه ولا يفرقون في نظرتهم ولا في أحكامهم بين الحيض والاستحاضة، وذلك حسب ما ورد في ( الإصحاح الخامس عشر من سفر اللاويين )، وهو واحد من الأسفار التي يسمون جملتها بالتوراة، فالحائض عندهم تعزل تماما خلال فترة الدم، أو خمسة أيام أيهما أقل، وما خلال تلك الفترة جميعها (اثني عشر يوما على الأقل )، يتجنبون ملامساتها، ومؤاكلتها، وحتى الجلوس معها على فراش، ويذهبون إلى أكثر من ذلك غلوا، بكسر أنية الخزف أو الفخار أو ما شابة ذلك إذا ما مستها الحائض ولا يحل الغسيل لتلك المرأة ألا بعد انقضاء الأيام السبعة اللاحقة لأيام الحيض، وفي اليوم الثامن تغتسل، ثم تقدم " الحاخام" أمام الرب، في خيمة الاجتماع يمامتين أو فرخي حمام، واحدة منهما ذبيحة خطية والأخرى محروقة.
معتقدات العرب قبل الإسلام:
أما العرب في جاهليتهم، فقد كان اعتقادهم المتوارث عن هذا الأمر، لا يختلف في كثير أو قليل، عن اعتقاد المجوس واليهود ومعاصريهم، فكانوا يعتزلون المرأة إذا حاضت اعتزالا تاماً إلا يؤكلوها ولا يجالسوها على فراش ولا حتى يساكنوها ( القرطبي ) ذلك أن عقيدتهم لم تكن أيضاً ثمرة العقل، ولا كانت نتاجاً للفكر، بقدر ما كانت تراثاً متواتراً خلفه الخيال ورسخ في الوجدان على مر السنين، وكانت المرأة عندهم إذا حاضت، فهي " عارك " و"فارك" و"كابر" و"دارس" و"طامث" و"ضاحك" و"حائض" ( القرطبي) ولهذه التسميات جميعها - فيما خلا اللفظ الاخير - دلالتها في اللسان العربي، إذ يستدل منها إنهم كانوا يعتقدون أن هذا الأمر الذي يعتري المرأة مرة في كل شهر، وبصفة دورية، هو بمثابة " فرك" لمواد ضارة وسامة في بدنها " طمست " عليه والمت به فغطته، ولو أنها بقيت فيه لا ضرت به وأهلكته، وهى امرأة " ضاحك " أي منفرجة الأنسجة متفتحة المسام، كي تتخلص من تلك السموم وهى " عارك " و"دارس" وفيهما معنى المغالبة لهذه المواد وهى أيضا " كابر " لأنها تكبر هذا الأمر لما فيه من خلاصها من السموم والأضرار وهى كذلك " طامث " والطمث من الدنس والمس والفساد، (القاموس المحيط الجزء الأول ص169، 215، 227، الجزء الثاني ص311، 313،315، 329).
تلك كانت نظرة العرب في جاهليتهم، لهذا الأمر، وذلك كان اعتقادهم، ولقد كان اعتقادهم ذلك راسخاً في نفوسهم، مستقراً في وجدانهم، ونهج نهجهم أو ربما نهجوا هم نهج - المجوس واليهود دون النصارى - وهم أهل كتاب - إذ لم يرد في كتابهم ( الإنجيل ( ذكر لهذا الأمر، من قريب أو من بعيد، ومن ثم فهم لا يبالون به ولا يأبهون به. ويجامعون نساءهم أبانه.
الإسلام يصحح المفاهيم:
وفي يثرب.. طيبه الطيبة.. المدينة المنورة.. وفي العقد الأول من القرن السابع الميلادي، كان يعيش أخلاط من الناس، لهم مذاهب شتى ومعتقدات متباينة.
كان يعيش المسلمون، وهم وقتئذ قلة.. المهاجرون في مكة، الذين أخرجوا من ديارهم، بغير حق، إلا أن يقولوا ربنا الله والأنصار من أهل المدينة من الأوس والخزرج وعرب يثرب، وكانت تعيش فلول يهود، وفدوا إليها من ارض كنعان قبل ما يقرب من خمسة قرون خلت، فرارا من وطأة الرومان الباطشة، وكانت تعيش قلة من النصارى، وكانت تعيش بضعة من المجوس، وكانت تطرأ عليها أجناس أخرى، نفد وقوداً طارئاً في تجارة لها.
وكان بدهياً، والحال على ذلك النحو، أن يتساءل خلاط الناس على اختلاف مذاهبهم، وتباين عقائدهم، عن موقف الإسلام وهو الدين الجديد الذي لم يكن قد وقر في قلوب الغالبية بعد - من هذا الأمر وقد روى أن بعض المسلمين هم الذين توجهوا بالسؤال إلى النبي صلى الله عليه وسلم عما يحل لهم وما يحرم عليهم من نسائهم حال حيضهن، فنزل في ذلك قراناً يتلى.
قال تعالى وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُواْ النّسَآءَ فِي الْمَحِيضِ وَلاَ تَقْرَبُوهُنّ حَتّىَ يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهّرْنَ فَأْتُوهُنّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللّهُ إِنّ اللّهَ يُحِبّ التّوّابِينَ وَيُحِبّ الْمُتَطَهّرِينَ ) البقرة 222).
الإعجاز في استخدام لفظ المحيض:
(عن تفسير المنار) ولفظ المحيض مصدر من حيض بمعنى سيل، ويطلق على ماء الحيض ومكانه والحدث الذي خصص هذا المكان له، كالمجيء والمبيت والمغيب، فإذا نحن قلنا "جاء المغيب" دل ذلك على الزمان، وإذا قلنا "توجهت الشمس إلى المغيب" دل ذلك على المكان، وإذا نحن قلنا "أظلمت الدنيا بالمغيب " دل ذلك على حدث الغياب ذاته.
واختيار القرآن الكريم للفظ "المحيض" من بين الأسماء الأخرى التي جرت على لسان العرب، وجميعها ما خلا اللفظ القرآني تحمل معنى السموم، له حكمة بالغة لا يجوز أن تحفي على فطنة المسلم الواعي.
الحكمة من تقديم العلة على الحكم:
كما أن تقديم العلة على الحكم وترتيبه الحكم على العلة في قوله تعالى قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُواْ )إنما جاء لطفاً منه سبحانه ليؤخذ بالقبول من المتساهلين الذين قد يرون أن الحجر عليهم في أمور غرائزهم وشهواتهم تحكماً ويعلم أنه حكم للمصلحة، وليس للتعبد كما هو الحال عند اليهود.
معنى قوله تعالى (وَلاَ تَقْرَبُوهُنّ):
والمراد من النهى عن القرب في (وَلاَ تَقْرَبُوهُنّ) النهى عن لازمة القرب الذي يقصد منه وهو الوقاع، والمعنى أنه يجب على الرجال ترك غشيان نسائهم زمن الحيض لآن غشيانهم سبب للأذى والضرر، وإذا سلم الرجل من هذا الأذى فلا تكاد تسلم المرأة لأن الغشيان يزعج أعضاء النسل فيها إلى ما ليست مستعدة له ولا قادرة عليه لاشتغالها بوظيفة طبيعية أخرى وهى إفراز الدم المعروف.
وقد أفادت الآية الكريمة تأكيد الحكم إذا أمرت باعتزال النساء في زمن المحيض وهو كناية عن ترك غشيانهن فيه ثم بنيت مدة هذا الإعتزال بصيغة النهي والحكمة من التأكيد هي مقاومة الرغبة الطبيعية في ملامسة النساء،وإيقافها دون حد الإيذاء.
وكان يظن بعض الناس أن الاعتزال وترك القرب، حقيقة لا كناية وإنه يجب الابتعاد عن النساء في المحيض وعدم القرب منهن بالمرة،ولكن النبي بين لهم أن هو الوقاع وقال:" اصنعوا أي شيء إلا الجماع " رواه احمد ومسلم وأصحاب السنن.
وفي حديث خزام بن حكيم عن عمه انه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما يحل لي من إمرأتى وهى حائض ؟ قال: لك ما فوق الإزار أي ما فوق السرة. واه أبو داوود.
معنى قوله تعالى (حَتّىَ يَطْهُرْنَ):
والطهر في قوله تعالى حَتّىَ يَطْهُرْنَ) انقطاع دم الحيض وكن نساء يبعثن إلى عائشة بالدرجة فيها الكرسف، فيه الصفرة، فتقول: لا تعجلن حتى ترين القصة البيضاء. تريد بذلك الطهر من الحيضة. البخاري الجزء الأول - باب إقبال المحيض وأدباره.
معنى قولة تعالى ( فَإِذَا تَطَهّرْنَ ) والتطهر في قوله تعالى، فإذا تطهرن، هو الغسل بالماء. فإن عائشة رضى الله عنها أن امرأة سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن غسلها من المحيض فأمرها كيف تغتسل: قال: " خذي فرصه من مسك، فتطهري بها " قلت: كيف أتطهر؟ قال: " تطهري بها " قالت: كيف ؟ قال " سبحان الله.. تطهري " فاجتذبتها إلى فقلت: تتبعي بها أثر الدم " البخاري، الجزء الأول - باب الطيب للمرأة عند غسلها من المحيض.
وقد روت السيدة عائشة رضي الله عنها أن امرأة من الأنصار قالت للنبي صلى الله عليه وسلم: كيف أغتسل من المحيض: قال خذي فرصه ممسكة فتوضئ ثلاثا " ثم أن النبي صلى الله عليه وسلم استحيا وأعرض بوجهه، فأخذتها، فجذبتها، فأخبرتها بما يريد النبي صلى الله عليه وسلم البخاري الجزء الأول - باب غسل المحيض. وفي تفسير ابن كثير: وقد اتفق العلماء على أن المرأة إذا أنقطع حيضها لا تحل حتى تغتسل بالماء، وقال ابن عباس ( حتى يطهرن ) أي من الدم ( فإذا تطهرن ) أى بالماء، كذا قال مجاهد وعكرمة، والحسن ومقاتل ابن حيان والليث بن سعد وغيرهم. وفي تفسير القرطبى: فإذا تطهرن، يعنى بالماء، وبه ذهب مالك وجمهور العلماء، وإن الطهر الذي يحل به جماع الحائض التي يذهب عنها الدم هو تطهرها بالماء، كطهور الخبث، ولا يجزئ من ذلك تيمم، وفي رأى أخر يحل التيمم لعدم وجود الماء.
مجمل القول:
1- أن الفهم الصحيح للحقيقة القرآنية، وللإشارة المعجزة والمتمثلة في دقة اختيار اللفظ القرآني، دون باقي الألفاظ التي جرت على لسان العرب، ثم لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وما روته السيدة عائشة رضي الله تعالى عنها، في الطهر والتطهر، لا يدع مجالا لادني شك في أن المباشرة الزوجية أثناء الحيض وفي مكانة أذى وضرر.
2- أن الأذى الذي نهى الحق تبارك وتعالى عن المباشرة الزوجية وقت الحيض بسببه، لابد وان يكون أذى موضعيا في ذات المكان، وليس أذى عاما في جسد المرأة جميعه، ومن ثم في إفرازاته من عرق ولعاب وما إلى ذلك كما وقر في نفوس الناس جميعاً نتيجة لما توارثوه على مدى تاريخ البشرية الطويل المظلم، قبل بزوغ شمس الهداية.
3- أن الحائض لا تحل لزوجها إلا بعد ( الطهر )وهو انقطاع الدم وتوقف سيله تماما ثم ( التطهر ) وهو الغسل بالماء، والغسل يكون ثلاث مرات، تتبعا لأثر الدم، والتطيب بفرصه ( قطعة قطن ) ممسكة ( أي مبلله بالمسك ) تتتبع بها الحائض أثر الدم ثلاث مرات، وهذا وصية من وصايا الرسول صلى الله عليه وسلم نعد من قبل السنة الشريفة.
4- أحل القرآن الكريم ما حرمته اليهود وحرم ما أحلته النصارى، ومن ثم لابد وأن يكون في ذلك حكمة إلهية فيها المصلحة لصحة الإنسان، ويستحيل معها على الوعي الإيماني قبول بأن هذا التحليل وذلك التحريم، وقد جاء لهما القرآن الكريم لمجرد الوسطية فحسب، دون حكمة تستوجب التأمل والتفكر، ثم البحث العلمي تلبيه لقولة تعالى ( وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَآفّةً فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلّ فِرْقَةٍ مّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لّيَتَفَقّهُواْ فِي الدّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوَاْ إِلَيْهِمْ لَعَلّهُمْ يَحْذَرُونَ ) { التوبة 122 ).
ولقد أدركت يهود المدينة المنورة على عهد الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ما يمكن أن يحدثه الفهم الصحيح للحقيقة القرآنية على الله كذبا، فقالوا عندما سمعوا هذه الآية الكريمة هذا الرجل يريد ألا يدع شيئا من أمرنا إلا خالفنا فيه ) تفسير الفخر الرازى جـ6 ص66.
مزاعم المكابرين:
كثيرون من أمثال جواتييه 1900م (2) ويورسيه 1900م (3) تلمسوا سموم الزرنيخ واليود، وهم من أشد السموم فتكا، في إفرازات جسم الحائض، من عرق ولعاب وما إلى ذلك.
كما أعلن ماخت 1943م (4) انه وجد في لعاب وعرق الحائض، وكذلك في دورتها الدموية، مواد سامه، توقف نمو النبات المستزرع، كما أن ملامسه الحائض للخضراوات والزهور تتسبب في عطبها وذبولها، وتحول دون حفظها.
وقد أعلن جورج فان سميث والسيدة اوليف واتكسن سميث 1940-1950م (5-12) أن وفاة حيوانات الاختبار، بعد حقنها بكميات ضئيلة من دماء الحيض، اسمياها وقتئذ بالسموم الحيضيه.
لكن رينولدز 1947 م(13)، لم يستطيع أن يدارى ارتيابه فيما خلص إليه ال سميث من نتائج، حيث أعلن عن عدم اقتناعه بأن حدثا وظيفيت كالحيض، يناط أو يرتبط بوجود سموم، وهو ما ينافي فطرة ما جبل عليه خلق الإنسان وتكوينه، وقد حذا حذوه فيما ذهب إليه كثيرون غيره آنذاك. الأمر الذي حدا ببرنارد زونذك 1953م (14) إلى أن يعزو وفاة الحيوانات إلى تجارب ال سميث إلى احتمال وجود الجراثيم في دماء الحيض، وليس لوجود سموم فيها.
على أن الغالبية الغالبة من مؤلفي كتب أمراض النساء من الأوربيين والأميركيين يوردون في كتبهم ما أورده المؤلف الإنجليزي جيفكوت 1967م(15)، صاحب كتاب ( أسس أمراض النساء ) والذي يدرس لطلاب الطب في مرحلة التأهيل لدرجة البكالوريوس، وما بعده، في جميع جامعات العالم ويعتبر المرجع الأول لجميع المشتغلين بصناعة الطب في هذا الفرع من التخصص إذ أورد في كتابة مترجما بالنص:
1- ( أن بعض الشعوب تلقن بناتها منذ الصغر وجوب الغسل المهبلي بعد كل حيضة وليس هذا الاعتقاد إلا اعتقادا قديما متوارثا عن خبث ودنس الحائض ولا ضرورة له لأن الغسل بعد الحيض أو في أي وقت أخر يشكل بصفة عامه خطورة بالغة، حيث أنه يزيل معه الوسائل الوقائية الطبيعية ).
2- ( أن المباشرة الزوجية في أثناء الحيض تمارس بصفة عامه، وبصوره طبيعية وبأكثر كثيرا مما هو معروف ).
3- ( أن فترة الحيض تعتبر جزءاً من فترة الأمان ولقد جاء النص اليهودي بتحريم المباشرة الزوجية أثناء الحيض وبعده بسبعة أيام موافقا تماما لما هو معروف الآن بفترة الأمان، وذلك ليقصر المباشرة الزوجية على فترة الإخصاب، وهى فترة الاباضة في منتصف الدورة الشهرية ).
4- (أن الادعاء القائل بخطورة المباشرة الزوجية أثناء الحيض تحسباً لتهتك الأنسجة البالغة الطراوة في ذلك الوقت من ناحية، وتجنباً لزيادة السيل والذي قد يحدث للإثارة الجنسية من ناحية أخرى، ليس صحيحاً أيضاً من الوجهة العلمية ولا يزيد عن كونه مزاعم نظرية).
5- (طالما أن الزوجين سليمان، وخاليان من الأمراض، فلا خوف على أيهما من أي ضرر، وإذا ما مورست المباشرة الجنسية في المحيض).
6- (لا تستحب المباشرة الجنسية وقت المحيض، لا شئ، ألا لوجود الدم فقط ولزوجته هي التي قد تحول دون تمام النشوة المرجوة من العملية الجنسية، وحتى يمكن التغلب عليها قبل البدء في المباشرة بالغسل، ثم يوضع حاجز، يحجب سيل الدم مؤقتاً وإلى حين )
وسنفرد رداً خاصاُ على جيفكوت في متن الدراسة الطبية.
الإعجاز القرآني في أحكام الحيض والاستحاضة
[color:77d8=#000080:77d8]أ.د.محمد عبد اللطيف سعد
تمهيد:ليس ثمة شك أن حدثاً كالحيض، يعتري المرأة بصفة دوريه، مرة في كل شهر على مدى سنوات الخصوبة من عمرها، بدءاً من سن البلوغ وحتى سن اليأس - فيما خلا فترات الحمل والرضاعة عند البعض - لابد وأن يكون قد داعب الخيال الإنساني منذ بدء الخليقة، ثم سيطر عليه، قبل العقل والفكر والمنطق وحتى العلم، فحلق معه فيما يحيط به من غموض، وما يكتنفه من أسرار ثم ترك بصماته واضحة جلية على التراث الإنساني المتواتر، والمفعم في ذات الوقت بالأوهام والترهات والخزعبلات.
تلك الخزعبلات التي سورت الحقيقة بسياج كثيف، وسبقت العقل، منذ بدء الخليقة، ثم استحوذت على الفكرة أزمانا، فكبلت انطلاقه، وقيدت سبعة لاستجلاء كنه الحقيقة وجوهرها. 5;. 5;. 5;. 5;.
الحيض: نظرة تاريخية:
وقد قال البعض كان أول ما أرسل الحيض على بني إسرائيل ) لكن السيدة عائشة، فيما روي عنها، قالت خرجنا لا نرى إلا الحج، فلما كنا بسرف، حضت، فدخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أبكى، قال أن هذا أمر كتبه الله على بنات آدم، فاقضي ما يقضى الحاج، غير أن لا تطوفي بالبيت ). (البخاري - الجزء الأول)
معتقدات قدماء المصريين:
ولم يستطيع العقل البشرى أن يتخلص من أثار ما خلفه الخيال، حتى بعد أن عرف الإنسان الكتابة على عهد المصريين القدماء منذ ما يقرب من سبعة آلاف سنة فقد عزا أولئك حدوث الحيض إلى قوى شريرة تصيب المرأة، وتجعل من جسدها كله خبثاً ودنساً وقت حيضها، ومن ثم قام طبيبهم الكاهن باستنبات مجموعه من البذور البقلية، سقاها بماء مخلوط بدماء الحيض، ومجموعه أخرى سقاها بالماء العذب القراح، ولما تأخر نمو المجموعة الأولى ثن ذبلت، وماتت بعدئذ خلص إلى وجود السم في تلك الدماء الحيضية، رسخ لديه ذلك الاعتقاد، وما دامت تلك السموم قد خرجت من بدنها يكون خبثا كله، وسما جميعه، ومن ثم كانوا يعتزلونها تماما إلى حد نبذها وقت حيضها.
ولقد اعتقد أبو قراط وجالينوس (1) ومن تبعهم، ممن مارسوا صناعة الطب في القرون الوسطى في ذلك الاعتقاد، وكذلك فعل المجوس واليهود.
معتقدات اليهود:
والمعروف عن اليهود انهم يتشددون في مسائل الحيض، والدم بصفة عامه ولا يفرقون في نظرتهم ولا في أحكامهم بين الحيض والاستحاضة، وذلك حسب ما ورد في ( الإصحاح الخامس عشر من سفر اللاويين )، وهو واحد من الأسفار التي يسمون جملتها بالتوراة، فالحائض عندهم تعزل تماما خلال فترة الدم، أو خمسة أيام أيهما أقل، وما خلال تلك الفترة جميعها (اثني عشر يوما على الأقل )، يتجنبون ملامساتها، ومؤاكلتها، وحتى الجلوس معها على فراش، ويذهبون إلى أكثر من ذلك غلوا، بكسر أنية الخزف أو الفخار أو ما شابة ذلك إذا ما مستها الحائض ولا يحل الغسيل لتلك المرأة ألا بعد انقضاء الأيام السبعة اللاحقة لأيام الحيض، وفي اليوم الثامن تغتسل، ثم تقدم " الحاخام" أمام الرب، في خيمة الاجتماع يمامتين أو فرخي حمام، واحدة منهما ذبيحة خطية والأخرى محروقة.
معتقدات العرب قبل الإسلام:
أما العرب في جاهليتهم، فقد كان اعتقادهم المتوارث عن هذا الأمر، لا يختلف في كثير أو قليل، عن اعتقاد المجوس واليهود ومعاصريهم، فكانوا يعتزلون المرأة إذا حاضت اعتزالا تاماً إلا يؤكلوها ولا يجالسوها على فراش ولا حتى يساكنوها ( القرطبي ) ذلك أن عقيدتهم لم تكن أيضاً ثمرة العقل، ولا كانت نتاجاً للفكر، بقدر ما كانت تراثاً متواتراً خلفه الخيال ورسخ في الوجدان على مر السنين، وكانت المرأة عندهم إذا حاضت، فهي " عارك " و"فارك" و"كابر" و"دارس" و"طامث" و"ضاحك" و"حائض" ( القرطبي) ولهذه التسميات جميعها - فيما خلا اللفظ الاخير - دلالتها في اللسان العربي، إذ يستدل منها إنهم كانوا يعتقدون أن هذا الأمر الذي يعتري المرأة مرة في كل شهر، وبصفة دورية، هو بمثابة " فرك" لمواد ضارة وسامة في بدنها " طمست " عليه والمت به فغطته، ولو أنها بقيت فيه لا ضرت به وأهلكته، وهى امرأة " ضاحك " أي منفرجة الأنسجة متفتحة المسام، كي تتخلص من تلك السموم وهى " عارك " و"دارس" وفيهما معنى المغالبة لهذه المواد وهى أيضا " كابر " لأنها تكبر هذا الأمر لما فيه من خلاصها من السموم والأضرار وهى كذلك " طامث " والطمث من الدنس والمس والفساد، (القاموس المحيط الجزء الأول ص169، 215، 227، الجزء الثاني ص311، 313،315، 329).
تلك كانت نظرة العرب في جاهليتهم، لهذا الأمر، وذلك كان اعتقادهم، ولقد كان اعتقادهم ذلك راسخاً في نفوسهم، مستقراً في وجدانهم، ونهج نهجهم أو ربما نهجوا هم نهج - المجوس واليهود دون النصارى - وهم أهل كتاب - إذ لم يرد في كتابهم ( الإنجيل ( ذكر لهذا الأمر، من قريب أو من بعيد، ومن ثم فهم لا يبالون به ولا يأبهون به. ويجامعون نساءهم أبانه.
الإسلام يصحح المفاهيم:
وفي يثرب.. طيبه الطيبة.. المدينة المنورة.. وفي العقد الأول من القرن السابع الميلادي، كان يعيش أخلاط من الناس، لهم مذاهب شتى ومعتقدات متباينة.
كان يعيش المسلمون، وهم وقتئذ قلة.. المهاجرون في مكة، الذين أخرجوا من ديارهم، بغير حق، إلا أن يقولوا ربنا الله والأنصار من أهل المدينة من الأوس والخزرج وعرب يثرب، وكانت تعيش فلول يهود، وفدوا إليها من ارض كنعان قبل ما يقرب من خمسة قرون خلت، فرارا من وطأة الرومان الباطشة، وكانت تعيش قلة من النصارى، وكانت تعيش بضعة من المجوس، وكانت تطرأ عليها أجناس أخرى، نفد وقوداً طارئاً في تجارة لها.
وكان بدهياً، والحال على ذلك النحو، أن يتساءل خلاط الناس على اختلاف مذاهبهم، وتباين عقائدهم، عن موقف الإسلام وهو الدين الجديد الذي لم يكن قد وقر في قلوب الغالبية بعد - من هذا الأمر وقد روى أن بعض المسلمين هم الذين توجهوا بالسؤال إلى النبي صلى الله عليه وسلم عما يحل لهم وما يحرم عليهم من نسائهم حال حيضهن، فنزل في ذلك قراناً يتلى.
قال تعالى وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُواْ النّسَآءَ فِي الْمَحِيضِ وَلاَ تَقْرَبُوهُنّ حَتّىَ يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهّرْنَ فَأْتُوهُنّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللّهُ إِنّ اللّهَ يُحِبّ التّوّابِينَ وَيُحِبّ الْمُتَطَهّرِينَ ) البقرة 222).
الإعجاز في استخدام لفظ المحيض:
(عن تفسير المنار) ولفظ المحيض مصدر من حيض بمعنى سيل، ويطلق على ماء الحيض ومكانه والحدث الذي خصص هذا المكان له، كالمجيء والمبيت والمغيب، فإذا نحن قلنا "جاء المغيب" دل ذلك على الزمان، وإذا قلنا "توجهت الشمس إلى المغيب" دل ذلك على المكان، وإذا نحن قلنا "أظلمت الدنيا بالمغيب " دل ذلك على حدث الغياب ذاته.
واختيار القرآن الكريم للفظ "المحيض" من بين الأسماء الأخرى التي جرت على لسان العرب، وجميعها ما خلا اللفظ القرآني تحمل معنى السموم، له حكمة بالغة لا يجوز أن تحفي على فطنة المسلم الواعي.
الحكمة من تقديم العلة على الحكم:
كما أن تقديم العلة على الحكم وترتيبه الحكم على العلة في قوله تعالى قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُواْ )إنما جاء لطفاً منه سبحانه ليؤخذ بالقبول من المتساهلين الذين قد يرون أن الحجر عليهم في أمور غرائزهم وشهواتهم تحكماً ويعلم أنه حكم للمصلحة، وليس للتعبد كما هو الحال عند اليهود.
معنى قوله تعالى (وَلاَ تَقْرَبُوهُنّ):
والمراد من النهى عن القرب في (وَلاَ تَقْرَبُوهُنّ) النهى عن لازمة القرب الذي يقصد منه وهو الوقاع، والمعنى أنه يجب على الرجال ترك غشيان نسائهم زمن الحيض لآن غشيانهم سبب للأذى والضرر، وإذا سلم الرجل من هذا الأذى فلا تكاد تسلم المرأة لأن الغشيان يزعج أعضاء النسل فيها إلى ما ليست مستعدة له ولا قادرة عليه لاشتغالها بوظيفة طبيعية أخرى وهى إفراز الدم المعروف.
وقد أفادت الآية الكريمة تأكيد الحكم إذا أمرت باعتزال النساء في زمن المحيض وهو كناية عن ترك غشيانهن فيه ثم بنيت مدة هذا الإعتزال بصيغة النهي والحكمة من التأكيد هي مقاومة الرغبة الطبيعية في ملامسة النساء،وإيقافها دون حد الإيذاء.
وكان يظن بعض الناس أن الاعتزال وترك القرب، حقيقة لا كناية وإنه يجب الابتعاد عن النساء في المحيض وعدم القرب منهن بالمرة،ولكن النبي بين لهم أن هو الوقاع وقال:" اصنعوا أي شيء إلا الجماع " رواه احمد ومسلم وأصحاب السنن.
وفي حديث خزام بن حكيم عن عمه انه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما يحل لي من إمرأتى وهى حائض ؟ قال: لك ما فوق الإزار أي ما فوق السرة. واه أبو داوود.
معنى قوله تعالى (حَتّىَ يَطْهُرْنَ):
والطهر في قوله تعالى حَتّىَ يَطْهُرْنَ) انقطاع دم الحيض وكن نساء يبعثن إلى عائشة بالدرجة فيها الكرسف، فيه الصفرة، فتقول: لا تعجلن حتى ترين القصة البيضاء. تريد بذلك الطهر من الحيضة. البخاري الجزء الأول - باب إقبال المحيض وأدباره.
معنى قولة تعالى ( فَإِذَا تَطَهّرْنَ ) والتطهر في قوله تعالى، فإذا تطهرن، هو الغسل بالماء. فإن عائشة رضى الله عنها أن امرأة سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن غسلها من المحيض فأمرها كيف تغتسل: قال: " خذي فرصه من مسك، فتطهري بها " قلت: كيف أتطهر؟ قال: " تطهري بها " قالت: كيف ؟ قال " سبحان الله.. تطهري " فاجتذبتها إلى فقلت: تتبعي بها أثر الدم " البخاري، الجزء الأول - باب الطيب للمرأة عند غسلها من المحيض.
وقد روت السيدة عائشة رضي الله عنها أن امرأة من الأنصار قالت للنبي صلى الله عليه وسلم: كيف أغتسل من المحيض: قال خذي فرصه ممسكة فتوضئ ثلاثا " ثم أن النبي صلى الله عليه وسلم استحيا وأعرض بوجهه، فأخذتها، فجذبتها، فأخبرتها بما يريد النبي صلى الله عليه وسلم البخاري الجزء الأول - باب غسل المحيض. وفي تفسير ابن كثير: وقد اتفق العلماء على أن المرأة إذا أنقطع حيضها لا تحل حتى تغتسل بالماء، وقال ابن عباس ( حتى يطهرن ) أي من الدم ( فإذا تطهرن ) أى بالماء، كذا قال مجاهد وعكرمة، والحسن ومقاتل ابن حيان والليث بن سعد وغيرهم. وفي تفسير القرطبى: فإذا تطهرن، يعنى بالماء، وبه ذهب مالك وجمهور العلماء، وإن الطهر الذي يحل به جماع الحائض التي يذهب عنها الدم هو تطهرها بالماء، كطهور الخبث، ولا يجزئ من ذلك تيمم، وفي رأى أخر يحل التيمم لعدم وجود الماء.
مجمل القول:
1- أن الفهم الصحيح للحقيقة القرآنية، وللإشارة المعجزة والمتمثلة في دقة اختيار اللفظ القرآني، دون باقي الألفاظ التي جرت على لسان العرب، ثم لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وما روته السيدة عائشة رضي الله تعالى عنها، في الطهر والتطهر، لا يدع مجالا لادني شك في أن المباشرة الزوجية أثناء الحيض وفي مكانة أذى وضرر.
2- أن الأذى الذي نهى الحق تبارك وتعالى عن المباشرة الزوجية وقت الحيض بسببه، لابد وان يكون أذى موضعيا في ذات المكان، وليس أذى عاما في جسد المرأة جميعه، ومن ثم في إفرازاته من عرق ولعاب وما إلى ذلك كما وقر في نفوس الناس جميعاً نتيجة لما توارثوه على مدى تاريخ البشرية الطويل المظلم، قبل بزوغ شمس الهداية.
3- أن الحائض لا تحل لزوجها إلا بعد ( الطهر )وهو انقطاع الدم وتوقف سيله تماما ثم ( التطهر ) وهو الغسل بالماء، والغسل يكون ثلاث مرات، تتبعا لأثر الدم، والتطيب بفرصه ( قطعة قطن ) ممسكة ( أي مبلله بالمسك ) تتتبع بها الحائض أثر الدم ثلاث مرات، وهذا وصية من وصايا الرسول صلى الله عليه وسلم نعد من قبل السنة الشريفة.
4- أحل القرآن الكريم ما حرمته اليهود وحرم ما أحلته النصارى، ومن ثم لابد وأن يكون في ذلك حكمة إلهية فيها المصلحة لصحة الإنسان، ويستحيل معها على الوعي الإيماني قبول بأن هذا التحليل وذلك التحريم، وقد جاء لهما القرآن الكريم لمجرد الوسطية فحسب، دون حكمة تستوجب التأمل والتفكر، ثم البحث العلمي تلبيه لقولة تعالى ( وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَآفّةً فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلّ فِرْقَةٍ مّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لّيَتَفَقّهُواْ فِي الدّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوَاْ إِلَيْهِمْ لَعَلّهُمْ يَحْذَرُونَ ) { التوبة 122 ).
ولقد أدركت يهود المدينة المنورة على عهد الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ما يمكن أن يحدثه الفهم الصحيح للحقيقة القرآنية على الله كذبا، فقالوا عندما سمعوا هذه الآية الكريمة هذا الرجل يريد ألا يدع شيئا من أمرنا إلا خالفنا فيه ) تفسير الفخر الرازى جـ6 ص66.
مزاعم المكابرين:
كثيرون من أمثال جواتييه 1900م (2) ويورسيه 1900م (3) تلمسوا سموم الزرنيخ واليود، وهم من أشد السموم فتكا، في إفرازات جسم الحائض، من عرق ولعاب وما إلى ذلك.
كما أعلن ماخت 1943م (4) انه وجد في لعاب وعرق الحائض، وكذلك في دورتها الدموية، مواد سامه، توقف نمو النبات المستزرع، كما أن ملامسه الحائض للخضراوات والزهور تتسبب في عطبها وذبولها، وتحول دون حفظها.
وقد أعلن جورج فان سميث والسيدة اوليف واتكسن سميث 1940-1950م (5-12) أن وفاة حيوانات الاختبار، بعد حقنها بكميات ضئيلة من دماء الحيض، اسمياها وقتئذ بالسموم الحيضيه.
لكن رينولدز 1947 م(13)، لم يستطيع أن يدارى ارتيابه فيما خلص إليه ال سميث من نتائج، حيث أعلن عن عدم اقتناعه بأن حدثا وظيفيت كالحيض، يناط أو يرتبط بوجود سموم، وهو ما ينافي فطرة ما جبل عليه خلق الإنسان وتكوينه، وقد حذا حذوه فيما ذهب إليه كثيرون غيره آنذاك. الأمر الذي حدا ببرنارد زونذك 1953م (14) إلى أن يعزو وفاة الحيوانات إلى تجارب ال سميث إلى احتمال وجود الجراثيم في دماء الحيض، وليس لوجود سموم فيها.
على أن الغالبية الغالبة من مؤلفي كتب أمراض النساء من الأوربيين والأميركيين يوردون في كتبهم ما أورده المؤلف الإنجليزي جيفكوت 1967م(15)، صاحب كتاب ( أسس أمراض النساء ) والذي يدرس لطلاب الطب في مرحلة التأهيل لدرجة البكالوريوس، وما بعده، في جميع جامعات العالم ويعتبر المرجع الأول لجميع المشتغلين بصناعة الطب في هذا الفرع من التخصص إذ أورد في كتابة مترجما بالنص:
1- ( أن بعض الشعوب تلقن بناتها منذ الصغر وجوب الغسل المهبلي بعد كل حيضة وليس هذا الاعتقاد إلا اعتقادا قديما متوارثا عن خبث ودنس الحائض ولا ضرورة له لأن الغسل بعد الحيض أو في أي وقت أخر يشكل بصفة عامه خطورة بالغة، حيث أنه يزيل معه الوسائل الوقائية الطبيعية ).
2- ( أن المباشرة الزوجية في أثناء الحيض تمارس بصفة عامه، وبصوره طبيعية وبأكثر كثيرا مما هو معروف ).
3- ( أن فترة الحيض تعتبر جزءاً من فترة الأمان ولقد جاء النص اليهودي بتحريم المباشرة الزوجية أثناء الحيض وبعده بسبعة أيام موافقا تماما لما هو معروف الآن بفترة الأمان، وذلك ليقصر المباشرة الزوجية على فترة الإخصاب، وهى فترة الاباضة في منتصف الدورة الشهرية ).
4- (أن الادعاء القائل بخطورة المباشرة الزوجية أثناء الحيض تحسباً لتهتك الأنسجة البالغة الطراوة في ذلك الوقت من ناحية، وتجنباً لزيادة السيل والذي قد يحدث للإثارة الجنسية من ناحية أخرى، ليس صحيحاً أيضاً من الوجهة العلمية ولا يزيد عن كونه مزاعم نظرية).
5- (طالما أن الزوجين سليمان، وخاليان من الأمراض، فلا خوف على أيهما من أي ضرر، وإذا ما مورست المباشرة الجنسية في المحيض).
6- (لا تستحب المباشرة الجنسية وقت المحيض، لا شئ، ألا لوجود الدم فقط ولزوجته هي التي قد تحول دون تمام النشوة المرجوة من العملية الجنسية، وحتى يمكن التغلب عليها قبل البدء في المباشرة بالغسل، ثم يوضع حاجز، يحجب سيل الدم مؤقتاً وإلى حين )
وسنفرد رداً خاصاُ على جيفكوت في متن الدراسة الطبية.
عدل سابقا من قبل في 15.09.07 0:15 عدل 1 مرات